أثارت الإهابة الملكية الأخيرة للمغاربة بالإحجام عن إقامة شعيرة التضحية خلال عيد الأضحى المقبل تساؤلات حول “تأثير الدومينو” الذي سينتج عن ذلك، والتداعيات العديدة المحتملة لهذا القرار، لاسيما في صفوف الأجراء الذين يعولون على مِنحة عيد الأضحى بشكل سنوي لدعم قدرتهم الشرائية خاصة في ظل الغلاء .

ولم تحمل الإهابة الملكية في مضامينها “إلغاءً” لعيد الأضحى، بل جاءت الرسالة التي تلاها نيابة عن العاهل المغربي، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، واضحة من حيث أن العيد قائمٌ في أبعاده الدينية والروحانية والاجتماعية؛ مع الاكتفاء بعدم إقامة شعيرة الذبح، وذلك بسبب التحديات المناخية والاقتصادية التي يعانيها المغرب في السنوات الأخيرة.

وجاء في الرسالة الملكية المذكورة: “نهيب بك أن تحيي عيد الأضحى إن شاء الله وفق طقوسه المعتادة ومعانيه الروحانية النبيلة وما يرتبط به من صلاة العيد في المصليات والمساجد، وإنفاق الصدقات وصلة الرحم، وكذا كل مظاهر التبريك والشكر لله على نعمه مع طلب الأجر والثواب”.

هذه الازدواجية بين إقامة العيد كالعادة من جهة، والإحجام المرتقب عن شعيرة الذبح من جهة ثانية، ولا سيما أن الرسالة الملكية جاءت بعبارة “نهيب بك” التي تقوم مقام الدعوة والمناشدة وليس الأمر، طرحت أسئلة حول مصير بعض “العادات” الاقتصادية والاجتماعية التي دأبت عليها المقاولات والمؤسسات العمومية المشغلة سنوياً، من قبيل مِنحة العيد.

في هذا الصدد، أوضح الخبير المتخصص في قانون الشغل، ياسر السملالي، أنه “من المهم التذكير بأن عيد الأضحى يَظل عطلة دينية رسمية بالمغرب، كما أن الأيام الرسمية المخصصة لهذه العطلة ستبقى قائمة دون تغيير، فقد تمت الدعوة لإلغاء شعيرة التضحية فحسب، وذلك بشكل استثنائي للحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية المهددة”.

أما بخصوص مِنحة عيد الأضحى، فأكد المحامي أنها غير إلزامية قانونا، وأن الأمر متروك للمقاولة أو الشركة المشغلة لاتخاذ القرار بمنحها أو غير ذلك؛ “إلا أنها أصبحت تقليدا راسخا في العديد من الشركات المغربية، وتعتبر هذه المكافأة في كثير من الأحيان بمثابة مِنحة اجتماعية، خاصة أنها تستفيد من إعفاء ضريبي جزئي، بحد أقصى قدره 2500 درهم للموظف الواحد سنويا، وفقا للمادة 57-1 من المدونة العامة للضرائب العام”.

وتابع بأن قانون الشغل المغربي والاتفاقيات الجماعية المؤطرة للعلاقات الشغلية تؤكد على ضرورة احترام الحقوق المكتسبة للموظفين، ولأجل لذلك “فإن عدم صرف هذه المكافأة قد يُنظر إليه على أنه خرق لهذه الحقوق، ومن المحتمل أن يؤدي إلى الإضرار بالمناخ الاجتماعي داخل الشركة”.

وخلص إلى أنه من مصلحة الشركات الاستمرار في صرف منحة عيد الأضحى كالمعتاد، حتى في حالة عدم إقامة شعيرة الأضحية هذا العام، احتراماً للحقوق المكتسبة لأجرائها وموظفيها، وبغية الحفاظ على علاقة الثقة المتبادلة بين الجانبين.

0Shares